العلاقات الإماراتية الهندية تشهد العديد من الامور العميقة في مختلف المجالات حيث تدعم قيادتي الدولتين نمو العلاقات والحفاظ على التواصل البناء وقد شهدت العلاقات الإماراتية الهندية خلال الأعوام الأخيرة، تطورات متسارعة مستندة إلى علاقات تاريخية عميقة الجذور تمت رعايتها على مدى قرون من خلال التواصل الثقافي والحضاري الوثيق، والتجارة، والتفاعل السياسي رفيع المستوى.
وتتخذ العلاقات الثنائية بين البلدين اليوم أوجها متعددة وشاملة، فيما تسهم العلاقات الاقتصادية والتجارية سريعة النمو بين البلدين في زيادة تعميق هذه الروابط، حيث تقدم الإمارات والهند نموذجاً فريداً للشراكة بفضل رؤية قيادتي الدولتين ودعمهما المتواصل لتعزيز آفاق التعاون المشترك.
ويعكس النمو المتسارع للعلاقات بين البلدين رؤية دولة الإمارات الاستشرافية والطموحة لتعزيز الانفتاح الاقتصادي على العالم، وبناء الشراكات التجارية الدولية مع الأسواق الإستراتيجية، حيث أطلقت في سبتمبر من عام 2021 برنامج اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة ومنها اتفاقية الشراكة الإستراتيجية مع الهند.
وقد شهد العامان 2022 و2023 محطات مهمة عززت من تلك الشراكة فيما يأتي أبرزها :
- مايو 2022 .. اتفاقية الشراكة الشاملة.
شكل توقيع اتفاقية الشراكة الشاملة بين دولة الإمارات العربية المتحدة، وجمهورية الهند، نقطة تحول مفصلية في علاقات البلدين؛ إذ دخلت الاتفاقية حيز النفاذ اعتباراً من تاريخ 1 مايو 2022، ومكنت الشركات الإماراتية من الاستفادة من المزايا الجديدة التي توفرها، والتي تشمل توفير وصول أكبر للصادرات الإماراتية إلى السوق الهندية من خلال إلغاء أو تخفيض الرسوم الجمركية على أكثر من 80% سلعة، وإيجاد بيئة مفتوحة وغير تمييزية للتجارة عبر الحدود مع الهند، وتعزيز وصول مزودي الخدمات في دولة الإمارات إلى الأسواق عبر 11 قطاعاً رئيسياً وأكثر من 100 قطاع فرعي.
وتضمن الاتفاقية إزالة المعوقات الفنية غير الضرورية "المعوقات الفنية أمام التجارة" للمصدرين من الإمارات والهند، واستخدام المعايير الدولية كأساس للوائح الفنية، وتعزيز وصول الشركات الإماراتية إلى فرص المشاركة في المشتريات الحكومية الهندية، ودعم الشركات الإماراتية من خلال منح أفضلية سعرية بنسبة 10% في مناقصات المشتريات الحكومية الإماراتية، وإنشاء لجنة مشتركة لتقييم ومراجعة واقتراح أي تعديلات على اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الجانبين، بما في ذلك تحسين الوصول إلى الأسواق.
- سبتمبر 2022 .. اجتماع اللجنة المشتركة الـ14 .
ترأس سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية أعمال الدورة الـ /14/ للجنة المشتركة بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية الهند، فيما ترأس الجانب الهندي معالي الدكتور سوبرامنيام جاي شانكار وزير الشؤون الخارجية.
وتم على هامش الاجتماع، التوقيع على مذكرة تفاهم بين معهد الحياة البرية في الهند والصندوق الدولي للحفاظ على الحبارى في دولة الإمارات، كما شهد سموه ومعالي وزير الشؤون الخارجية الهندي التوقيع على مذكرة تفاهم بين وزارة الخارجية في دولة الإمارات ووزارة الشؤون الخارجية الهندية حول إنشاء منتدى المجلس الثقافي الإماراتي الهندي.
- فبراير 2023 .. تحالف ثلاثي.
أعلنت الإمارات العربية المتحدة والجمهورية الفرنسية وجمهورية الهند تأسيس مبادرة تعاون ثلاثي بينها ووضع خريطة طريق لبدء تنفيذها، وأكدت الدول الثلاث في بيان مشترك عقب اتصال هاتفي ثلاثي أن المبادرة ستكون بمثابة منتدى لتعزيز ورسم وتنفيذ مشاريع التعاون في مجالات عدة منها الطاقة والتغير المناخي.
وتشكل الشراكة منصّة لتوسيع التعاون بين الوكالات الإنمائية في البلدان الثلاثة في مجال المشاريع المستدامة بالإضافة إلى تنظيم مجموعة من الفعاليات الثلاثية المشتركة في إطار رئاسة جمهورية الهند لمجموعة العشرين "G20"، واستضافة دولة الإمارات العربية المتحدة لمؤتمر الأطراف "COP28" أواخر العام الجاري.
وستعمل كل من الإمارات العربية المتحدة وفرنسا والهند على ضمان الاستفادة من هذه المبادرة الثلاثية كمنصة لتعزيز التعاون الثقافي، من خلال مجموعة من المشاريع المشتركة، بما في ذلك الترويج للتراث وحمايته.
- مايو 2022 .. شراكة في الطاقة المتجددة.
وقّعت الإمارات والهند في شهر مايو من عام 2022، مذكرة تفاهم تهدف لبحث كيفية مكافحة تغير المناخ، عبر تعزيز التعاون بين البلدين وتبادل الدعم للوفاء بتعهدات الدول الواردة في اتفاقية باريس للمناخ لعام 2015.
ومن ضمن المسارات المُتفق عليها بين الجانبين في إطار التعاون لمواجهة تغير المناخ، عقد شراكة بين القطاعين العام والخاص بهدف تطوير نشر الكهرباء المُتجددة، والهيدروجين الأخضر، وسوق الكربون، ورفع مستوى كفاءة القطاع الزراعي، والتمويل المستدام.
- مايو 2023 .. فرص جديدة وترويج مشترك.
التقى معالي عبد الله بن طوق المري، وزير الاقتصاد، عدداً من الوزراء وكبار المسؤولين الحكوميين وممثلي القطاع الخاص في جمهورية الهند الصديقة، وفي مقدمتهم معالي بيوش غويال، وزير التجارة والصناعة وشؤون المستهلك والأغذية والتوزيع العام والمنسوجات، ومعالي شري جي كيشان ريدي، وزير السياحة والثقافة، وذلك لبحث أطر تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري المشترك.
وبحث الجانبان زيادة حجم الاستثمارات المتبادلة وتنويع مظلتها لتشمل قطاعات جديدة تضاف للقطاعات القائمة والتي تتضمن الطاقة المتجددة، والاتصالات والبنية التحتية للطرق والعقارات والشركات الناشئة.
وناقش الطرفان سبل تعزيز الشراكة الاقتصادية القائمة وتنويعها، وتبني مبادرات مبتكرة تسهم في تعزيز وصول مجتمعي الأعمال إلى الفرص المتاحة، وتدعم نمو وتوسع الشركات الناشئة في أسواق البلدين، وتقدم المزيد من المزايا والحوافز لها، بما يضمن زيادة نسبة مساهمتها في دعم الناتج المحلي الإجمالي.
كما شارك وفد حكومي إماراتي ضمن أعمال المؤتمر السنوي لـ"اتحاد الصناعات الهندية" في العاصمة الهندية نيودلهي؛ حيث أعلنت منصة الاستثمار العالمية "إنفستوبيا"، إطلاق شراكة جديدة، من خلال توقيع مذكرة تفاهم مع "اتحاد الصناعات الهندية" لتبادل الخبرات والوفود التجارية والمحتوى المعرفي، والترويج للفرص الاستثمارية الواعدة في الأسواق الهندية والإماراتية ضمن القطاعات الاقتصادية الجديدة، فضلاً عن تنظيم الفعاليات والمؤتمرات المشتركة لدعم التواصل بين مجتمعي الأعمال الإماراتي والهندي.
- يونيو 2023 .. 100 مليار.
اتفقت الهند والإمارات في شهر يونيو الماضي، على تعزيز التجارة الثنائية غير النفطية بينهما والوصول بها إلى 100 مليار دولار سنويا بحلول عام 2030، بحسب ما قاله وزير التجارة الهندي بيوش جويال.
وعزا معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير دولة للتجارة الخارجية نمو حجم التجارة بين البلدين إلى التوقيع على اتفاقية الشراكة الاستراتيجية والتي كان لها تأثير إيجابي واضح على التدفقات التجارية والاستثمارية بين البلدين، مشيرا إلى أن قيمة التجارة البينية غير النفطية بين الإمارات والهند بلغت 45.5 مليار دولار في الأشهر الـ11 الأولى منذ دخول الاتفاقية حيز التنفيذ في الأول من مايو 2022، بزيادة سنوية نسبتها 6.9%عن الفترة المقابلة.
- عام على الشراكة.
احتفلت دولة الإمارات والهند في شهر يونيو الماضي بمرور عام على دخول اتفاقية الشراكة الشاملة حيز التنفيذ؛ حيث شارك وفد رسمي برئاسة معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، في الاجتماع الأول للجنة المشتركة لاتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة.
وتهدف اللجنة المشتركة إلى تقييم تأثير الاتفاقية، وتبادل البيانات والخبرات، ومراجعة القضايا التنفيذية، وتنقيح الرسوم الجمركية والحصص، والتوصية بإجراء أي تعديلات لازمة، والعمل على تخطي أي تحديات، والتواصل حول ملاحظات القطاع الخاص من الجانبين.
كما تتولى اللجنة مسؤولية استكشاف سبل تحسين آليات تسوية المنازعات، بما يشمل إنشاء اللجان الفرعية، وتحديد مجالات التعديلات اللازمة لتلبية الاحتياجات المحددة للجانبين.
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق