الجمعة، 3 فبراير 2023

محمد بن راشد يقدّم واجب العزاء في وفاة محمد سعيد الملا

 


قدّم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وإلى جانبه سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، وسمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس مجلس دبي للإعلام، اليوم، واجب العزاء في وفاة المغفور له بإذن الله تعالى محمد سعيد الملا، وذلك خلال زيارة سموه لمجلس العزاء في دبي.


وتم اختيار الراحل محمد سعيد الملا، رئيساً لمجلس إدارة شركة الملاحة العربية المتحدة في عام 1976، كما برزت بصماته واضحة كأحد رجال الاقتصاد والأعمال بالدولة عند تقلده منصب وزير المواصلات في تأسيس شركة اتصالات والتي سبقت بها الدول العربية بنحو 20 عاماً في تأسيس شركة مساهمة لقطاع الاتصالات عام 1976، حيث يقول في لقاء تلفزيوني إن كل إمارة كانت لديها مؤسسة صغيرة للاتصالات تقدم خدمة الخطوط الأرضية، التي دمجت كل المؤسسات تحت اسم (إمارات تيل) ليغيرها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ويختار لها اسم (اتصالات)، في 30 أغسطس 1976، ويصبح الملا أول رئيس لمجلس إدارتها. شركة مساهمة


وفي فبراير من عام 1978، أصدر المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، مرسوماً بالموافقة على تأسيس شركة مساهمة محدودة المسؤولية باسم «شركة محمد سعيد الملا وأولاده الخصوصية المحدودة» برأس مال قدره 500 مليون درهم، حيث جرى تقسيم رأسمال الشركة إلى 500 ألف سهم قيمة كل منها 1000 درهم. واستهدفت الشركة القيام بأعمال تملك الحصص والأسهم في الشركات الأخرى والاشتغال بالتجارة، حيث نجح هذا الكيان نجاحاً بارزاً ونما ليوسع مجالات استثماراته وأعماله تحت إدارة مؤسسه الملا وأولاده، حتى تحول ذلك الكيان إلى «مجموعة الملا القابضة».


ويعتبر محمد سعيد الملا، صاحب فضل كبير على الكثيرين ممن برزوا بعده في ميادين المال والأعمال، إذ ساعد رجال الأعمال ودعمهم مادياً ومعنوياً كي يرتقوا بأنفسهم، ليخدموا وطنهم.


وكتب رجل الأعمال الإماراتي خلف أحمد الحبتور، في كتابه «خلف الحبتور، السيرة الذاتية»، أنه بعد أن تقلب في عدد من الأعمال والمهن برواتب متواضعة، شاءت الأقدار أن يلتقي الراحل محمد سعيد الملا، الذي كان آنذاك رجل أعمال بارزاً في دبي وصديقاً لوالده وأخيه الأكبر محمد، وكان الملا وقتها يبحث عن شخص يرعى مصالح شركة البناء التي يملكها في أبوظبي، فعمل لديه.


ويضيف الحبتور عن طبيعة عمله، قائلاً: «شجعني السيد محمد الملا كثيراً، ما عزز ثقتي بنفسي إلى حد كبير، فقد كنت أخرج من منزلي في الرابعة فجراً كل يوم وأقود السيارة إلى أبوظبي، عابراً الطرقات الوعرة الممتلئة بالحفر، وأعود في السادسة مساء تقريباً، متلهفاً لمعانقة السرير».


ويتابع الحبتور: «العمل كان بحد ذاته مرهقاً جداً، فقد عملت ممثلاً لشركة الملا في أبوظبي لكن مهما كانت صفتي الرسمية في الشركة، كان عليّ مساعدة الآخرين في العمل وتنفيذ كل ما يـُطلب مني (مثل قيادة الشاحنات وتفريغ البضائع ونقل العمال ودفع الأموال للمقاولين من الباطن والتأكد من صب الإسمنت في المواعيد المقررة)». كما ذكر الحبتور أن قرار الانضمام إلى شركة الملا كان من أفضل القرارات التي اتخذها في حياته، ففي السنوات الثلاث التي أمضاها في الشركة، حصل على التدريب اللازم، واكتسب خبرة جيدة، وازدادت ثقته بنفسه، وأقام علاقات مهمة، وترفع إلى منصب مدير عام فرع أبوظبي.


ويشير الحبتور إلى أن الأهم من ذلك أنه كوّن صداقة متينة وارتبط بأفضل شريك أعمال قد يتمناه المرء.


ويقول: «بكل صدق، لو لم يمنحني محمد سعيد الملا الفرصة لأظهر له مؤهلاتي لاتخذت حياتي مجرى مختلفاً تماماً».


ويضيف: «أدين له بالكثير لأنه وضعني على الطريق الصحيح ودلني على الاتجاه المناسب.. كنتُ مجرد فتى يافع حين وضع ثقته فيّ، ليودعني رجلاً بعد ثلاث سنوات».


ومن غير المواطنين الذين أتوا على ذكر محمد سعيد الملا كصاحب أفضال عليهم، المحاسب القانوني البنغلاديشي، سجّاد حيدر، الذي قدم إلى الإمارات للمرة الأولى عام 1973 ورحب به المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، للعمل في الإمارات، فعينه الملا محاسباً قانونياً ومستشاراً له.


وفي حديث لحيدر نشرته صحيفة الفجر الإماراتية في عام 2015، أخبرنا بأنه ينظر إلى الملا كقدوة ورائد ومعلم له الفضل الأكبر في حياته ونجاحه وبقائه في الإمارات على مدى أربعة عقود، مضيفاً أنه لا ينسى مبادرة الملا بمنحه الثقة وتسليمه جداول حسابات شركة الإمارات للاتصالات (اتصالات) في عام 1976 من أجل القيام بالتدقيق القانوني.


بعيد توحيد الإمارات السبع، وإعلان قيام دولة الإمارات العربية المتحدة، كان الملا على موعد مع مسؤولية أكبر؛ ففي أول تشكيل وزاري في الدولة الفتية برئاسة المغفور له الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم، رحمه الله، عهد إليه بحقيبة وزارة الدولة لشؤون الاتحاد والخليج وحقيبة الكهرباء بالوكالة.


أما في التشكيل الوزاري الثاني في عام 1973 وكان أيضاً برئاسة المغفور له الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم، فقد أسندت إلى الملا حقيبة المواصلات.


وحينما أعاد المغفور له الشيخ مكتوم تشكيل الحكومة الاتحادية للمرة الثالثة في عام 1977 أبقى على الملا وزيراً للمواصلات، وكذا فعل المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، في عام 1979 حينما ترأس الحكومة الاتحادية الرابعة.


واحتفظ الملا بالحقيبة الوزارية ذاتها في التشكيل الخامس سنة 1990، ليظل الملا حاملاً لمسؤوليات حقيبة المواصلات في بلده من عام 1973 إلى عام 1997، كما ظل رئيساً لمجلس إدارة مواصلات الإمارات من عام 1981 وحتى 1997.


في الثاني من مايو عام 1975 أصدر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، القرار رقم (2) لسنة 1975 والقاضي بتشكيل لجنة تأسيسية لإعداد مشروع الدستور الدائم للدولة. وجاءت في المادة الأولى من القرار أسماء أعضاء اللجنة التأسيسية، وكانوا 28 شخصية من شخصيات البلاد ذات المكانة الرفيعة والكفاءة المشهودة والتاريخ الوطني الناصع.


وقد كان اسم محمد سعيد الملا بين تلك الأسماء، بل جاء ترتيبه الثالث بعد الشيخ سرور بن محمد آل نهيان وأحمد خليفة السويدي.


وهكذا أسهم الملا، ليس فقط في مجال الخدمات التي احتاجتها بلاده في سنواتها المبكرة، وإنما شارك أيضاً في صياغة تشريعاتها من خلال إعداد دستور يليق بها وبطموحاتها بالاشتراك مع آخرين من مواطنيه.

ليست هناك تعليقات:

اضافة تعليق

جميع الحقوق محفوظة © قريه التراث
تصميم : يعقوب رضا