تأتي دولة الإمارات في مقدمة الدول الداعمة لليمن إنسانياً وإنمائياً، وذلك من منطلق حرصها على ضمان أمنه واستقراره، ومساعدته على تجاوز التحديات الصعبة التي يواجهها على المستويات المختلفة ، وأكدت دولة الإمارات أنه يجب أن يكون 2023 هو العام الذي يتحقق فيه السلام في اليمن، ودعم كل الجهود الدولية لوضع نهاية للصراع وتلبية التطلعات المشروعة للشعب اليمني، وتحقيق السلام والاستقرار في اليمن والمنطقة، خاصة تلك الجهود التي يبذلها مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، هانز غروندبيرغ، والمملكة العربية السعودية والوساطة من سلطنة عُمان.
وقدّمت الإمارات مساعدات إغاثية وداعمة الاستقرار تقدر بالعديد من المليارات دولار من خلال المنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة، بالإضافة إلى إعادة بناء المستشفيات والمدارس، والبنية التحتية، مثل أنظمة الماء والكهرباء. كما تم توزيع عشرات الآلاف من الأطنان كتموين ومواد غذائية.
ومنذ عام 2015 والامارات تستهدف تخفيف معاناة الشعب اليمني، فضلاً عن إقامة الكثير من المشروعات التنموية والخدمية التي تضع اليمن على طريق البناء والإعمار والتنمية والتطور.
ينطلق الدعم الإماراتي لليمن الشقيق من عدة مبادئ وأسس، لعل أبرزها:
1 - مبادئ الإمارات الثابتة في نصرة الحق، والدفاع عنه، والتي أرسى دعائمها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وواصلها بكل إخلاص صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وهي المبادئ التي جعلت من الإمارات، بشهادة التاريخ، خير سند وداعم لِلأشقاء والأصدقاء حول العالم. فالشيخ زايد ، طيب الله ثراه، كان حريصاً على أمن اليمن واستقراره، ففي ديسمبر 1986، توجه إلى اليمن، وبالتحديد إلى مأرب، لتدشين مشروع إعادة إحياء سد مأرب، بما يحمله من دلالات تاريخية ومصالح إنمائية. ولم تقتصر مشاريع الشيخ زايد في اليمن عند إعادة بناء سد مأرب بل سبقت ذلك المشروع برامج دعم عديدة، ولحقته مشاريع دعم أخرى كثيرة، ضمن سياسة تواصلت بعد رحيل الشيخ زايد طيب الله ثراه، حيث تعمل الإمارات الآن على تقديم أنواع الدعم كافة لليمن، اقتصادياً وسياسياً وأمنياً وعسكرياً؛ من أجل إعادة الأمن والاستقرار إليه. وقد أعاد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة عبر خلال استقباله في مجلس قصر البحر، في الخامس عشر من يوليو 2019، معالي سلطان البركاني رئيس مجلس النواب في الجمهورية اليمنية الشقيقة، التأكيد على نهج دولة الإمارات الثابت في دعم اليمن والاستجابة لتطلعات شعبه الشقيق في التنمية والاستقرار حيث أكد سموه أن «الحفاظ على أمن اليمن واستقراره ودعم شعبه الشقيق ومساندته في مختلف الظروف، يعدّ من الثوابت الراسخة لدولة الإمارات العربية المتحدة منذ عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه». وشدد سموه على «سعي دولة الإمارات إلى أن يعم السلم على كامل التراب اليمني، وعودة مؤسسات الشرعية إلى ممارسة عملها في أجواء يسودها الأمن والاستقرار».
2 - الالتزام الأخلاقي من خلال التحرك لتخفيف معاناة الشعب اليمني الشقيق، وخاصة في المحافظات والمدن اليمنية التي تعاني تدهوراً في الظروف المعيشية وشحاً في مواد الإغاثة، وهو العمل الذي لا يقل أهمية عن مشاركة القوات المسلحة الإماراتية الباسلة في الجهد العسكري في إطار التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، لتحرير المحافظات من سيطرة ميليشيات الحوثي الإرهابية، وفك الحصار عن المحافظات اليمنية التي تتعرض يومياً لقصف عشوائي مستمر يستهدف المدنيين. لذا كانت دولة الإمارات العربية المتحدة من أوائل الدول التي سارعت إلى إغاثة اليمن ومساعدته في محنته، وتقديم أوجه الدعم المختلفة له، من أجل تحقيق آماله وطموحاته للبناء والتنمية والاستقرار ضمن رؤية متكاملة تتحرك على مسارات متوازنة تنموية واقتصادية وسياسية واجتماعية وإنسانية.
3 - دعم أمن اليمن واستقراره الشامل، حيث تتبنى الإمارات رؤية شاملة للأوضاع في اليمن، تنطلق من الترابط بين ما هو إنساني وسياسي وأمني وعسكري واقتصادي وتنموي، فلكي يتحقق الأمن والاستقرار الشامل في اليمن، فإن هناك ضرورة للتحرك بشكل متوازي نحو مواجهة التحديات الإنسانية وتحقيق التنمية الشاملة وتحسين حياة الشعب اليمني، ومساعدة الاقتصاد اليمني على تجاوز التحديات التي تواجهه. ولهذا سارعت الإمارات إلى الاستجابة لنداء الضمير والواجب، وسيرت قوافل الخير لمساعدة المحتاجين في ظل عملية إعادة الأمل. في الوقت ذاته، فإن الدور الإنساني الفاعل الذي تقوم به الإمارات يصب في صالح دعم الأمن والاستقرار، حيث يفوّت الفرصة على التنظيمات المتطرفة التي تسعى إلى استغلال الأوضاع الصعبة في تجنيد اليمنيين للانضمام إليها.
طبيعة الدور الإنساني للإمارات في اليمن
تأتي دولة الإمارات في مقدمة الدول الداعمة لليمن، فوفقاً للتقرير الذي صدر عن وزارة الخارجية والتعاون الدولي في شهر يوليو 2019، فقد قدمت 20.57 مليار درهم إماراتي (5.59 مليار دولار أمريكي) خلال الفترة منذ إبريل 2015 حتى يونيو 2019، وتم تخصيص ثلثي هذه المساعدات للمشروعات التنموية، واستفاد من إجمالي الدعم الإماراتي 17.2 مليون يمني يتوزَّعون على 12 محافظة.
واستحوذ دعم البرامج العامة على %53 من حجم المساعدات الإماراتية لليمن بما يعادل 10 مليارات و800 ألف درهم إماراتي (2.95 مليار دولار أمريكي). ومن بين المستفيدين 11,2 مليون طفل و3,3 ملايين امرأة. وفي إطار هذه المساعدات تلقى 11,4 مليون يمني العلاج الطبي، فضلاً عن مساعدات شملت أدوية ومستلزمات طبية وتأهيل المستشفيات. وتلقى 16,3 مليوناً مساعدات غذائية و 1,8 مليون طفل وطفلة دعماً تربوياً وتعليمياً. وتمت إعادة تأهيل وتشغيل 3 مطارات و3 موانئ بحرية في عدن والمكلا وسقطرى.
وحظيت محافظة الحديدة باهتمام كبير من حصة الدعم الإنساني والإنمائي لليمن، حيث أوضحت وزارة الخارجية والتعاون الدولي في تقريرها أن 2.051 مليار درهم إماراتي (557.6 مليون دولار أمريكي) كان حجم المساعدات الإماراتية المقدمة لمحافظة الحديدة من يونيو 2018 إلى يونيو 2019. وكانت المناطق المحررة في محافظة الحديدة تعاني من نقص حاد في المواد الطبية والغذائية عقب تحريرها، حيث تولت دولة الامارات، عبر ذراعها الإنسانية، هيئة الهلال الأحمر، تطبيع الأوضاع من كافة النواحي ضمن المشاريع طويلة الأجل لتخفيف معاناة الشعب اليمني.
الدور الإنساني الإماراتي في اليمن، يتسم بالشمول، ولا يقتصر فقط على تقديم المساعدات من أغذية وأدوية، وإنما ينصرف أيضاً إلى مساعدة اليمن في إعادة بناء وإعمار ما خلفته الحرب هناك، ضمن رؤية متكاملة تتحرك على مسارات متوازنة تنموية واقتصادية وسياسية واجتماعية وإنسانية. ويمكن القول في هذا السياق أن دور الإمارات الإنساني في اليمن يستهدف الآتي:
1 - الاستجابة العاجلة للاحتياجات الإنسانية للشعب اليمني، من المواد الغذائية وغير الغذائية ومواد الإيواء والأدوية، حيث قامت الإمارات بـبناء جسر جوي وبحري لغرض نقل المساعدات الإغاثية والمواد الغذائية المتعددة عبر بادرة إنسانية ليس لها مثيل في العالم. وكان لتوجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، بضرورة العمل على توفير المطالب الضرورية من الأغذية والأدوية للمتضررين في مناطق المواجهات عظيم الأثر في تخفيف معاناة الشعب اليمني خلال الفترة الماضية، وما تزال الإمارات تواصل جهودها في هذا الشأن حتى وقتنا الراهن.
2 - إعادة تأهيل الكثير من المؤسسات والمرافق التي دمرتها الجماعات المخربة، وكان لهذا الجانب أكبر الأثر في عودة الاستقرار إلى العديد من المناطق في اليمن، حيث أسهمت الإمارات في توفير الخدمات الأساسية للمدن المتضررة بهدف عودة النازحين إلى ديارهم وحصولهم على الخدمات الأساسية من كهرباء وماء وصحة وتعليم.
3 - المساهمة في إعادة إعمار البنى التحتية اليمنية التي دمرتها ضربات الحوثيين، وخاصة في قطاعات الصحة والتعليم والكهرباء والمياه، باعتبارها من القطاعات الرئيسية المهمة للشعب اليمني.
ومن الجدير بالذكر تشييد أول محطة كهرباء بالألواح الشمسية حيث يشارك 300 عامل في هذا العمل بدعم من دولة الإمارات العربية المتحدة في مدينة المخا اليمنية المطلة على البحر الأحمر والواقعة غربي محافظة تعز، جنوبي اليمن.
4 - الاستجابة لتطلعات الشعب اليمني في البناء والتنمية، وهذا يتضح من حجم المشروعات التنموية التي مولتها الإمارات خلال السنوات الأربع الماضية في القطاعات الرئيسية التي تخدم الشعب اليمني، فقد خصصت الإمارات ثلثي المساعدات التي قدمتها لليمن الفترة منذ إبريل 2015 حتى الان للمشروعات التنموية، وهذا إنما يعكس حرصها على تحقيق تطلعاته الشعب اليمني المشروعة في التنمية الشاملة والمستدامة في جميع أنحاء البلاد.