جاء خلال زيارة الرئيس الاماراتي محمد بن زايد لفرنسا منذ يومين ، حيث بحث الرئيسان مجموعة من الفرص والتحديات الإقليمية والعالمية.. واتفقا على العمل معاً لإيجاد الحلول للتخفيف من حدة تأثيرها على البلدين والعالم ، وذلك ، كما اتفقا على إقامة شراكة استراتيجية شاملة في مجال الطاقة بين دولة الإمارات وفرنسا، والتي تمثل خطوة مهمة في سبيل تعزيز أمن الطاقة واستقرار تكلفتها.
وايضاً رحب الرئيسان بالاتفاقية بين شركة بترول أبوظبي الوطنية «أدنوك» وشركة «توتال للطاقة» حول توفير الوقود بهدف زيادة أمن إمدادات الوقود في فرنسا ، و أكدت دولة الإمارات دعمها للجهود العالمية بشأن الأمن الغذائي وعملها مع فرنسا لإيجاد السبل لتخفيف الضغوط المتواصلة على منظومة الإمدادات العالمية..
وأعلنت عن دعمها لمبادرة «تعزيز القدرة على الصمود في مجالي الغذاء والزراعة (FARM)» وخاصةً فيما يتعلق باعتماد نظام تجارة الأغذية، والذي يتميز بالانفتاح والشفافية والمرونة، فضلاً عن توفير المعلومات ذات الصلة لدعم «نظام المعلومات المتعلق بالأسواق الزراعية (AMIS)».
وأعرب الرئيسان عن طموحاتهما المشتركة حول مواصلة توسيع الشراكة الاقتصادية المتميزة بين البلدين، وذلك بناءً على الشراكة الاستثمارية الواعدة التي تم إطلاقها في ديسمبر 2021 ، وأبدى الجانبان اهتمامهما بتطوير التعاون الثنائي في المجالات ذات المصالح والقدرات المشتركة.
كما أثنى الجانبان على مجلس رجال الأعمال الإماراتي - الفرنسي الذي أطلق خلال زيارة سموه إلى فرنسا، والذي يهدف إلى فتح آفاق جديدة ورفع مستوى التعاون الثنائي في عدد من القطاعات ذات الاهتمام المشترك بما يخدم أسواق البلدين ، ونوّه الجانبان بأهمية المجلس كونه إحدى القنوات المهمة لتوسيع التعاون البنّاء بين مجتمعات الأعمال في البلدين، وأكدا رغبتهما المشتركة في عقد الاجتماع الافتتاحي للمجلس خلال الفترة القادمة.
وأكد الرئيسان أهمية العمل المناخي، والذي يمثل أولوية قصوى للبلدين، معربين عن الطموحات والأهداف المشتركة للبلدين في هذا المجال المهم.. وهنأ الرئيس ماكرون دولة الإمارات على اختيارها لاستضافة الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ (COP-28) ، والذي ستنطلق أعماله في عام 2023، وأكد استعداد فرنسا لتقديم الدعم الكامل ومشاركة خبرتها من تنظيم الدورة الحادية والعشرين من المؤتمر ذاته.. كما وقع الجانبان مذكرة تفاهم حول العمل المناخي لتعزيز آفاق التعاون المشترك بين فرنسا ودولة الإمارات.
وهنأ الجانب الفرنسي دولة الإمارات بنجاح تشغيل برنامجها للطاقة النووية السلمية.. وأكد الجانبان الدور المهم للطاقة النووية في دعم جهود البلدين للحد من الانبعاثات الكربونية في قطاعات الطاقة وعزمهما على مواصلة التعاون المتين في هذا القطاع من خلال تبادل الخبرات الفنية وتوفير التكنولوجيا والوقود النووي.. فضلاً عن مجالات البحث والتطوير. كما أشاد الجانبان بالتقدم المحرز على صعيد مذكرة التفاهم بشأن الهيدروجين منزوع الكربون.
وفيما يتعلق بجهود البحث والتطوير البحري، فقد اتفق الجانبان على توثيق التعاون الثنائي لتطوير برنامج البحوث البحرية لتعزيز الاقتصاد الأزرق المستدام.
وتتطرق الطرفان ايضاً الي الجانب الصحي و اتفق الرئيسان على أهمية القطاع الصحي ومجالات التعاون الرئيسة بين البلدين، والتي من الممكن التوسع فيها كونها من المجالات ذات الأولوية للتنمية وتبادل الخبرات بين دولة وفرنسا.
ويعد مشروع الوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية المنبثق عن التعاون المشترك بين مركز أبوظبي للصحة العامة، والمستشفيات العامة في باريس، أحد أمثلة التعاون الناجحة.. فبموجب مذكرة التفاهم الموقعة في شهر ديسمبر عام 2020، نفّذ المشروع فريق من الخبراء الفرنسيين.. وقد نجح المشروع في تعزيز النمو والاستدامة والتنافسية العالمية في هذا المجال، فضلاً عن تبادل الخبرات والمعلومات.
ورحب الجانبان بتوقيع مذكرة التفاهم بشأن التعاون بين معهد باستور ومركز أبوظبي للصحة العامة، مشيرين إلى إمكانية أن يسفر هذا التعاون عن نتائج إيجابية للطرفين. كما أشار الجانبان إلى إمكانات التعاون في مجال التعليم العالي التي تركز على تطوير الخبرات في مجال الرعاية الصحية.
وعلى صعيد اهتمام الطرفان لاهمية التعليم والثقافة والعلوم بوصفها من أهم ركائز العلاقة الثنائية بين البلدين، مؤكدين على أهمية المشاريع الحالية مثل جامعة السوربون - أبوظبي، والجهود لتوسيع التعاون في مجال التعليم العالي مع مراكز تعليمية فرنسية مثل مدرسة البرمجة إيكول 42 (Ecole 42) ومدرسة نورماندي للأعمال
(EM Normandie) ومدرسة أوروبا للتجارة (ESCP). وقد أبدى الجانبان اهتماماً كبيراً بالمشاريع المستقبلية، مثل مدرسة روبيكا (Rubika) المهنية، داعيين إلى تعزيز التعاون في دولة الإمارات مع مؤسسات التعليم العالي الفرنسية وتوسيع نطاق تدريس اللغة الفرنسية في المدارس الإماراتية.
كما بحث الرئيسان إمكانيات استكشاف فرص جديدة للتعاون الثقافي، وذلك بعد الشراكة الناجحة التي تجسدت في متحف اللوفر - أبوظبي ، وكون قطاع الفضاء أحد المحفزات الرئيسة لتطور العلوم والتكنولوجيا، فقد وقّع الجانبان الإماراتي والفرنسي عدة اتفاقيات تتعلق برصد الأرض والمبادرات بشأن تغير المناخ واستكشاف القمر، وذلك لتقوية وتوطيد التعاون في هذا المجال المهم.
ومن الجدير بالذكر لقاء صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، عدداً من طلبة دولة الإمارات الدارسين في الجامعات والمعاهد في الجمهورية الفرنسية، وذلك في إطار زيارة الدولة التي يقوم بها سموّه إلى فرنسا.
وتعرف سموّه - خلال اللقاء الذي شاركت فيه شما المزروعي، وزيرة الدولة لشؤون الشباب - إلى تخصصات الطلبة وأوضاعهم الأكاديمية، وحثهم على تحقيق التفوق والنجاح في مسيرتهم العلمية، من أجل الإسهام مع بقية إخوانهم الطلبة في تعزيز مسيرة الوطن ونهضته.
وأكد سموّه، أهمية الدور الذي يضطلع به طلبة الإمارات الدارسون في الخارج، كونهم سفراء لوطنهم وجسراً للتواصل ونقل الصورة الحضارية لبلدهم إلى الشعوب الآخرى، وإبراز ما يتحلى به شعب دولة الإمارات من قيم تسامح وتعايش وتواصل.
وأعرب سموّه عن سعادته واعتزازه بلقاء الطلبة والتعرف إليهم، والاطمئنان على أحوالهم؛ مؤكداً أن كل طلبة دولة الإمارات سواء خارج الوطن أو داخله، هم محل اهتمام قيادة الدولة التي تحرص على توفير مختلف السبل والوسائل التي تساعدهم على الجهد والمثابرة، لتحقيق أهدافهم في الحصول على المعرفة العلمية والمستويات الدراسية الرفيعة.
.
وأعرب طلبة الإمارات عن سعادتهم واعتزازهم، بلقاء صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد، معاهدين سموّه بأن يكونوا عند حسن ظن قيادة الدولة في تحصيلهم العلمي، وصولاً إلى أعلى الدرجات العلمية والأكاديمية لمواصلة مسيرة التقدم في الوطن. وعبروا عن تثمينهم لما توفره لهم الدولة من خدمات ودعم، لمواصلة مسيرتهم بكل جد واجتهاد.
كما التقى صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد، عدداً من الأطباء الإماراتيين الذين شاركوا زملاءهم الفرنسيين في الخطوط الأمامية، في علاج المصابين خلال عملهم في المستشفيات والمراكز الطبية في فرنسا، أثناء جائحة «كورونا».
وأعرب سموّه، عن فخره بهذه النخبة المشرّفة من أبناء الوطن، وقال: أنتم خير سفراء لدولة الإمارات، وبكم وبأمثالكم نفخر ونعتزّ؛ مثلتم قيمنا الأصيلة وأخلاقنا التي تعلي القيم الإنسانية في التعاون والتضامن خلال مختلف الظروف.
وايضاً يدرك الرئيسان أهمية هذه الشراكة الاستراتيجية كونها عنصراً أساسياً في جهود التعاون المشتركة والمتبادلة تجاه تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة وخارجها.
وأكدت دولة الإمارات وفرنسا بصفتهما عضوين مؤسسين في التحالف الأمني الدولي منذ عام 2017، التزامهما بمكافحة التطرف والجريمة العابرة للحدود، من خلال تبادل الخبرات ومواصلة تعزيز الجهود المشتركة مع بقية الدول الأعضاء.
وأشاد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان «حفظه الله»، بالنجاح الذي حققه مؤتمر بغداد للشراكة والتعاون، فيما أشاد الرئيس ماكرون بالاتفاق الإبراهيمي الذي يسهم في نشر السلام والازدهار في المنطقة من خلال مد الجسور والتعاون. وأكد الرئيسان على أهمية استمرار جهود تعزيز السلام والازدهار.
وأشاد الرئيس ماكرون بدور دولة الإمارات كعضو غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، فيما أشاد صاحب السمو رئيس الدولة بالإنجازات في مجال تعدد الأطراف التي تحققت خلال الرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي ، وفي هذا الصدد، أكد الرئيسان مجدداً التزامهما تجاه توسيع وتطوير التعاون التاريخي بين البلدين وفتح آفاق جديدة للتعاون في جميع المجالات.. لتعزيز دورهما في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة وخارجها.