سطَّرت دولة الإمارات سجلاً مشرقاً من الإنجازات المتألقة في سائر المجالات، حتى أصبحت محل إشادة وتقدير من جميع المنصفين حول العالم، من دول ومنظمات عالمية وشخصيات مرموقة.
ومن هذه المجالات مجال حقوق الإنسان، الذي أولته دولة الإمارات أهمية كبيرة، واعتنت به عناية بالغة، وذلك على الصعد والميادين كافة، سواء التشريعية أو القضائية أو الصحية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو غيرها، في منظومة متكاملة تضع العناية بالإنسان وحقوقه على رأس الأولويات الوطنية الاستراتيجية.
بشهادة الجميع تثبت الإمارات يوما بعد آخر رسوخ قدمها كصانعة قرار في مجال حقوق الإنسان، بنموذج ناصع لاحترام الحقوق، والتوازن بين الجنسين.
وتضرب دولة الإمارات مثالا ناجحا في العالم والمنطقة، في مجال حقوق الإنسان، احتراما في الداخل، ودفاعا في الخارج، عبر عضويتها في المحافل الدولية، حسب شهادات متكررة للخبراء، وذوي الشأن من المنظمات الحقوقية.
آخر هذه الشهادات صدرت عن عدد من الخبراء، أثناء نقاشهم في ندوة دولية بجنيف عقدت عن بعد، بالتزامن مع إطلاق تقرير الظل عن حقوق الإنسان في دولة الإمارات، قُبيلَ مراجعة التقرير الرسمي الذي من المنتظر أن تقدمه الإمارات إلى مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة خلال شهر مايو/ أيار المقبل .
وفي بلد يستضيف حوالي 200 جنسية من أنحاء المعمورة، ومنفتح على دول العالم، تبقى دولة الإمارات الرائدة في المنطقة، في مجال حقوق الإنسان، بل ورفاهية المواطنين والمقيمين والزوار.
دولة الإمارات لم تصل إلى هذا المستوى من فراغ، بل بعمل دؤوب على مرّ السنين، ترجمته على أرض الواقع في أسلوب التعامل مع مواطنيها ومقيميها، وعبر أجنحة السلام السخية التي تمدها إلى أنحاء العالم، دون تمييز على أساس العرق أو اللون أو الدين أو الجنس، وعززت ذلك بتحديث ترسانة قانونية، على أساس مبادئ وقيم هذه الدولة.
وهذا ما عززته شهادة الخبراء التي اعتبرت الإمارات نموذجا عالميا بارزا للمساواة بين الجنسين، ومثالا يحتذى للحوار بين الأديان والعيش المشترك، تصدقه إنجازاتها في مجال حقوق الإنسان منذ تأسست قبل أكثر من خمسين عاما.
ولم يكن فوز الإمارات بعضوية مجلس حقوق الإنسان وحصولها على مقعدها الحالي في مأمورية تستمر إلى عام 2024، وحصولها على 180 صوتا عن مجموعة دول آسيا والمحيط الهادئ، في انتخابات جرت بالاقتراع السري المباشر لأعضاء الأمم المتحدة، إلا شهادة أخرى غير قابلة للتزوير أو التزييف أن هذا الإنجاز للمرة الثالثة، هو تتويج لهذا البلد بلقب راعي حقوق الإنسان، وحامل رسالة السلام.
غير أن الفوز الأخير يضيف أبعادا أخرى للسياسات الحكيمة التي تنتهجها دولة الإمارات في ترسيخ الحقوق والحريات، ويؤكد إدراكها أهمية حقوق الإنسان في تحقيق التنمية المستدامة، ويعكس جهودها الحثيثة على الصعيدين الإقليمي والدولي، ونهجها الثابت في التعاون مع الأمم المتحدة ومختلف أجهزتها من أجل مواجهة كافة التحديات التي تواجه المجتمع الدولي والتوصل إلى مستقبل أكثر ازدهاراً لجميع دول وشعوب العالم.
ولطالما أكدت الإمارات إيمانها الذي لا يتزعزع بالدور المهم والمحوري الذي يضطلع به المجلس في تعزيز وحماية حقوق الإنسان، حيث سعت من مقعدها إلى تعزيز جهود التعاون والحوار البناء، وتعزيز الشراكات، مستخدمة المكانة الدولية التي تحظى بها في المجتمع الدولي، في دفاع لا يلين عن حقوق الإنسان في جميع دول العالم.
لا يخون الإمارات في مجال حقوق الإنسان، سجل إنجازاتها، فهي تتكئ على إنجازات منقطعة النظير في الملف تعززه على مدار الأوقات بمبادراتها الرائدة وتجاربها الملهمة في بناء دولة القانون والمؤسسات.
فحتى "اليوم العالمي لحقوق الإنسان" في الـ10 من ديسمبر/كانون الأول الماضي، كان سجل الإنجازات التي حققتها دولة الإمارات حافلا، في العام المنقضي، سواء على صعيد تعزيز وتطوير حقوق الإنسان محليا أو دعمها دوليا.
فقد شهد عام 2022 عمليات تحديث وتطوير كبيرة، بشأن المنظومة التشريعية والتنظيمية المعنية بحقوق العمال، وذلك عبر إصدار عدة تشريعات بين مراسيم بقوانين وقرارات وزارية، تهدف إلى تعزيز حماية حقوق العمال ورفع كفاءتهم، بما يضمن استقرارهم وتحسين بيئة العمل المحفزة على الإنتاج.
وتضمنت القائمة.. المرسوم بقانون اتحادي رقم 9 لسنة 2022 بشأن عمال الخدمة المساعدة، والمرسوم بقانون اتحادي رقم 13 لسنة 2022 بشأن التأمين ضد التعطل عن العمل، وقرار مجلس الوزراء رقم 33 لسنة 2022 بشأن إصابات العمل وأمراض المهنة، والقرار الوزاري رقم 44 لسنة 2022 بشأن الصحة والسلامة المهنية والسكنات العمالية، والقرار الوزاري رقم 43 لسنة 2022 بشأن حماية الأجور، والقرار الوزاري رقم 48 لسنة 2022 بشأن تنظيم إجراءات تفتيش العمل، والقرار رقم 46 لسنة 2022 بشأن إنشاء لجنة منازعات العمل الجماعية، والقرار الوزاري رقم 47 لسنة 2022 بشأن تنظيم إجراءات المنازعات والشكاوى العمالية.
واعتمدت دولة الإمارات خلال الفترة الماضية حزمة من التشريعات المهمة، شملت قوانين الأحوال الشخصية والمعاملات المدنية والإجراءات الجزائية وقانون العقوبات، ومكافحة التمييز والكراهية، وذلك لمواكبة احتياجات ومتطلبات المرحلة الحالية، لتتواءم مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، التي تعد دولة الإمارات طرفاً فيها.
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أصدرت اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر التقرير السنوي الخاص بجهود دولة الإمارات لمواجهة جرائم الاتجار بالبشر خلال عام 2021، والذي تناول الأنشطة التي تمت في إطار الدعائم الخمس للاستراتيجية الوطنية لمكافحة جريمة الاتجار بالبشر والمتمثلة في العمل على الوقاية من الجريمة، وحماية الضحايا، وملاحقة الجناة وضمان إنزال العقوبات الرادعة عليهم فضلا عن العمل على تعزيز التعاون الدولي للقضاء على هذه الجريمة.
وشكل تأسيس الهيئة في أغسطس/آب 2021 أحد أهم الخطوات المعنية بتعزيز منظومة الآليات الوطنية لحقوق الإنسان في دولة الإمارات، حيث تتميز الهيئة عن غيرها من الآليات الحكومية الأخرى باعتبارها هيئة تتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة وبالاستقلال المالي والإداري في ممارسة مهامها وأنشطتها واختصاصاتها في مجال حقوق الإنسان، وتستند في عملها لمبادئ باريس للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان.
وواصلت دولة الإمارات خلال العام المنصرم إطلاق وتنفيذ خطط ومشاريع وطنية طموحة في مجالات متعددة، غايتها تحقيق الرفاهية والعيش الكريم للمواطنين والمقيمين على أراضيها، وتوفير أفضل مستويات التعليم والسكن والرعاية الصحية والاجتماعية لهم، هذا إلى جانب العديد من المبادرات التي تصب في مصلحة تعزيز حضور المرأة وتمكينها في المجتمع، وحماية حقوق الأطفال وكبار المواطنين وأصحاب الهمم.
ودوليا، باشرت دولة الإمارات عضويتها في مجلس حقوق الإنسان للفترة من 2022-2024 بناء على الانتخابات التي جرت في الجمعية العامة في أكتوبر/تشرين الأول 2021، حيث حازت للمرة الثالثة في تاريخها على ثقة المجتمع الدولي بدورها في الإسهام بإثراء وتطوير عمل وأداء المجلس.
واحتضنت العاصمة أبوظبي في ديسمبر/ كانون الأول الماضي الإطلاق الرسمي للإعلان العربي لمناهضة جميع أشكال العنف ضد المرأة والفتاة بمشاركة إماراتية وعربية ودولية واسعة، ودعا الإعلان إلى الالتزام بتبني استراتيجيات من شأنها معالجة مشكلة العنف ضد المرأة وتحقيق الأمن والأمان والرفاه والرخاء والتقدم والسلام في المجتمعات العربية.
على مستوى المساعدات قدمت دولة الإمارات في مايو/أيار الماضي مساعدات إنسانية عاجلة بقيمة 35 مليون درهم إلى الصومال الشقيق لدعم جهود التنمية، كما سيرت جسرا جويا يحمل سلالا غذائية متكاملة وإمدادات طبية أساسية إلى جانب فريق طبي ومستشفى ميداني لإغاثة ضحايا زلزال أفغانستان.
كما خصصت دولة الإمارات في يوليو/تموز الماضي مبلغ 25 مليون دولار لدعم مستشفى المقاصد في القدس الشرقية لتوسعة نطاق خدماته الطبي، وأرسلت في أغسطس/آب الماضي مساعدات إنسانية عاجلة بقيمة 25 مليون درهم إلى المتأثرين والنازحين بسبب السيول والفيضانات في السودان، وفي الشهر ذاته أرسلت مساعدات إغاثية عاجلة إلى باكستان التي شهدت عدة أقاليم فيها سيولاً وفيضانات، فيما قدمت على مدار العام الجاري مساعدات إغاثية إنسانية إلى المدنيين الأوكرانيين المتضررين من الأزمة في أوكرانيا.
ومع العام الجديد واستجابة لمواجهة آثار الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا في السادس من فبراير/ شباط الجاري، تصدّرت دولة الإمارات قائمة الدول التي أرسلت مساعدات إغاثية وغذائية وطبية وفرق إنقاذ إلى منكوبي الزلزال غير المسبوق.
ومعلوم جهد الإمارات المشهود في التصدي لجائحة كورونا في الأعوام الماضية، وما قام به "ائتلاف الأمل"، من تسهيل إيصال أكثر من 250 مليون جرعة لقاح إلى عدد من البلدان في جميع أنحاء العالم، إلى جانب الأهمية الكبيرة لتعزيز جهود التعاون لمكافحة جائحة كورونا وضمان وصول المساعدة لمن هم في أمسّ الحاجة إليها، وهو أمر قامت به الإمارات على أكمل وجه، وقوبل بإشادات دولية من منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة.
وفي مجال تمكين المرأة، استمرت الإمارات كما كانت في تصدر المؤشرات الدولية في هذا المجال، محتلة مركز الدولة الأعلى تصنيفا في المنطقة العربية على مؤشر الفجوة بين الجنسين على مستوى العالم الذي صدر عن المنتدى الاقتصادي العالمي سنة 2021.
وتقدم الإمارات أرقاما من واقع تجربتها في تمكين المرأة، التي وصلت إلى الفضاء، وساعدت في الوصول، إذ تشكل النساء 80% من الفريق العلمي الذي أطلق مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ.
وفي هذا السياق استضافت الإمارات أمس الثلاثاء واليوم الأربعاء "القمة العالمية للمرأة 2023" تحت رعاية الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية " أم الإمارات " تتويجا لجهود الدولة الرائدة في مناصرة حقوق نساء العالم.
سعت الإمارات ضمن جهود حماية الكوكب من التغير المناخي، إلى الريادة، مقدمة نموذج الدولة النفطية التي يظل هاجسها الكبير اتخاذ إجراءات للتخفيف من المخاطر، حيث التزمت بتحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول العام 2050، وذلك ضمن مواصلة دعم ولايات حقوق الإنسان بشأن تغير المناخ التي اعتمدها المجلس.
هذا الجهد مكن الإمارات من أن تكون الدولة التي تحظى باستضافة قمة المناخ COP28 المقرر عقدها في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، في ريادة للجهود العالمية لمكافحة التغير المناخي.